موقع الأنصار في زيارة لعائلة المرحوم نكّاع صالح
س : كان يعرف على عمّي صالح روحه المرحة، حدثنا عن ذلك.
ج : نعم، والدي رحمـه الله كان مرحا بطبعـه، خاصة و نحن نقطن حيّ شعبي أين يكثر عادة الإحتكاك و المعاملـة بين السكّان، و فضلا عن أنصار السياسي كان يمازح كثيرا أنصار الفريق الجار لكن رغم ذلك كانوا يحبّونه و يحترمونه، حتى أن أحد الرؤساء السابقين لهذا الفريق عرض عليه الإنتقال للعمل معه بأجرة..فرّد عليه والدي بأنـه يفضّل العمل مجّانا في السياسي على العمل بأجرة في الفريق الجار.
س : عمّي صالح رحمه الله رافق نشأة عدّة لاعبين معروفين، هل تذكر لنا بعض الأسماء ؟
ج : إذا ذكرنا آخر جيل رافقـه والدي قبل أن توافيه المنيّة سنة 2009، يمكن ذكر جعفر خلاف، عمران، بولعويدات، زدّام، الحارس قرفي، كمّوش..أمّا من اللاعبين السابقين فكانت له علاقات حميمية مع العايب سليم، بوريدان، بعداش، بودماغ، ماتام، عرامـة..إلخ.
س : ماذا تركت السنوات الطويلة التي قضاها المرحوم في خدمة السياسي ؟
ج : تركت لنا سمعة حسنة و أثر طيّب لدن كلّ من عاشره، أينما ذهبت في قسنطينة أجد رجالا عاشروه و لا يزالون يحملون له ذِكرًا طيّبا، سواء بين الأنصار أو اللاعبين أو محيط النادي..كان هذا هو رأسمالـه.
س : هل لكم أن تسردوا لنا حادثـة كروية تتذكرونها على المرحوم ؟
"المعتّز بالله" الإبن الثاني للمرحوم : أتذكر يوم كنت في صنف الأشبال، كانت لدينا مقابلـة كأس في مدينة جيجل، و وصلنا إلى مرحلـة ضربات الجزاء، الركلة الأخيرة سدّدها صديقي اللاعب "ميدو"، كانت آخر ركلة و تسجيلها كان يعني تأهلّنا..بمجرد تسجيل الركلة الترجيحية دخل والدي رحمه الله إلى منتصف الملعب باكيا و هو يحتضن مسجّل الهدف..هذه الصورة لم و لن تفارق مخيلتي و لازلت أتذكرها إلى اليوم.
"حمزة" إبن المرحوم : هناك أيضا صورة والدي بعد تسجيل هدف زردية في مقابلـة الداربي..تصوروا شيخا قارب الستينات و هو ينقلب على أرضية الملعب فرحة بالهدف !
أصارحكم أنه حتى اليوم..عندما أذهب لمشاهدة مقابلة للنادي الرياضي القسنطيني تنتابني فترات تيه..أرى فيها والدي رحمـه الله و هو يجوب حوّاف الملعب كما دأب على فعله عشرات السنوات..
أتذكر أيضا سنة نيلنا للقب البطولـة، في تلك السنة لم أنل شهادة التعليم المتوسط فبقي يبحث عني 3 أو 4 أيام لتأنيبي..لكن بعد نيلنا اللقب نسي ذلك بتاتا..و عندما تذكرّ ، و من شدّة فرحته، لم يعنّفني بل قال لي لا عليك، يجب أن تجتهد أكثر السنة القادمة لتنال الشهادة..و هو ما حصل فعليا.
س : لنعد إلى الحياة المهنية للمرحوم، كيف صمد كل تلك السنوات رغم تعاقب المسيرين ؟
"حمزة" إبن المرحوم : حبّ الفريق و عطفه على الأصاغر جعلاه يعمل و يحافظ على واجبه الإختياري نحوهم في أحلك الظروف..و دون مقابل..
تتدخّل حرم المرحوم : أصدقكم القول أنـه لم يسبق له أن أتى بأجرة شهرية من النادي سوى مرّة واحدة، كانت تقدّر بـ 15000 دج..و كان ذلك قبيل شهر رمضان.
يتدخل "المعتّز بالله" الإبن الثاني للمرحوم : لا أكذب عليكم، كان ذلك يزعجني كثيرا، و كثيرا ما حدثت والدي عن ذلك، لكنـه كان يتحاشى الإجابـة لأنه ببساطة لم يكن يتصوّر حياته بعيدا عن النادي الرياضي القسنطيني.
يتدخل حمزة : كنت كلّما أرى والدي رحمه الله يحمل حقائب العتاد على ظهره يحزّ في نفسي ذلك، لكن إقتنعت بأنـه سعيد بقربه من النادي، إعتنائه بالفئات الشابـة، و عملـه دون إنتظار مقابل أو مزيّة من أحد..هذا ما سمح له ببقاءه أكثر من 20 سنة رغم تعاقب اللاعبين، المدربين، و المسيرين..المادّة لم تكن أبدا حافز والدي.
س : ما سرّ لبسه الدائم للباس الرياضي بألوان النادي ؟
حمزة : والدي رحمـه الله كان يعشق اللولين الأخضر و الأسود، في سنواتـه الأخيرة إستغنى على كل الألبسة المدنية حتى في المناسبات و الأفراح، حتى عند قيامـه بالعمرة في البقاع المقدّسة كان يرتدي قميص اللاعب صايبي بألوان النادي.
على ذكر العمرة، تستحضرنـي حادثة، حيث أنه عندما كان بالبقاع المقدسّة لم يتسّن له معرفـة نتيجة مقابلـة شباب قسنطينة ضّد وفاق سطيف، بعد عودتـه، و في المطار عندما ذهبت لإستقبالـه رفقة عمّي بادرني بالسؤال قبل أن أسلّم عليه، فأخبرته بأننا فزنا، فأنشرحت معالم وجهه..تصوروا !!!