موقع الأنصار في زيارة لعائلة المرحوم نكّاع صالح
المرحوم نكّاع صالح، إسم أشهر من علم في محيط النادي الرياضي القسنطيني. رجل رافق مختلف محطّات النادي و خدمه بنفس الإخلاص و التفاني لسنوات طويلة رغم تعاقب الإدارات و المسيرين.
طاقم عمل الموقع إرتأى تسليط الضوء على هذه الشخصية المحبوبـة و زيارة عائلتـه الكريمة سعيا منا لتخصيص صفحة خاصّة للتعريف به و بكلّ الخدمات التي قدّمها للنادي طوال حياتـه..فأستقبلتنا ـ مشكورة ـ بحفاوة، و جمعنا حديث ذو شجون مع أفرادها، نوافيكم بملخّصه فيما سيَلِي.
{source}<div align="center">
<iframe width="640" height="480" align="center" src="/" frameborder="0" allowfullscreen></iframe></div>
{/source}
بدايـة الحوار كانت مع إبن المرحوم "حمزة" الذي قدّم لنا نبذة عن مولده و نشأتـه.
ولد المرحوم نكّاع صالح سنة 1949 ببلديـة سوق نعمان، ولايـة أم البواقي، إنتقل صغيرا إلى مدينة قسنطينة، و بالضبط إلى حيّ باردو الشعبي (حي رحماني عاشور حاليا) أين ترعرع في محيط يتنفس اللولين الأخضر و الأسود، فصديق طفولته المقرّب هو اللاعب السابق بلهولة..إنخرط في صفوف النادي الرياضي القسنطيني كحارس مرمى في صنف الأصاغر و تدرّج في صفوفه حتى وصل إلى صنف الأواسط..بعد أدائـه لواجب الخدمـة الوطنية أواخر سنوات الستينات إنقطع عن ممارسـة كرة القدم، فكان ذلك التاريخ آخر عهد له في النادي الرياضي القسنطيني كلاعب، ليستمّر كمناصر وفّي، ثم يعود ـ بضع سنوات بعد ذلك ـ كـمسيّر.
س : متى كانت عودتـه إلى النادي كمسيّر ؟
ج : كان ذلك سنوات الثمانينات، والدي كان يشتغل في شركـة السكك الحديدية، لكن كما تعلمون كرة القدم في ذلك الوقت لم تكن فيها الأموال كما هو الحال اليوم، تسيير النادي آنذاك كان نشاط جانبي يعتمد أكثر على العمل التطوّعي..بعد خروجـه إلى التقاعد، تفرّغ نهائيا إلى نشاطه في النادي الرياضي القسنطيني..فقد وافتـه المنيّة و هو مسؤول العتاد بالنادي.
تتدخلّ حرَم المرحوم : توفي صالح على السابعـة صباحا، في ذلك اليوم كانت حقيبة الفئات الشابـة مهيئة هنا في البيت، كان في الجزائر العاصمة و عاد يوم الأربعاء، بالسبت أخبرني بأنه سينتقل مع الفئات الصغرى إلى ملعب عين السمارة، وضع الحقيبة الرياضية التي تحتوي على ملابس الشبّان جانبا و ذهب ليغسل وجهـه، بمجرّد خروجه من الحمّام سقط..سقطة لم ينهض بعدها أبدا...رحمـه اللّه و جعل مثواه الجنة..
س : بين عمله الرسمي، نشاطه مع النادي، و حياتـه العائلية..كيف كان المرحوم يوّفق بين كلّ هذا ؟
حرَم المرحوم : صدّقني يا إبني..كان إهتمامه بأصاغر النادي يأخذ كل وقتـه، كان يرعاهم و يحافظ عليهم كأبناءه، و يوم تنهزم السياسي يخيّم الحزن في البيت، بل وقد نستغني حتى على العشاء..كان يغيب كثيرا على البيت لتنقلّه مع الفريق..
يتدخّل "حمزة" إبن المرحوم : سأخبركم بشيء لا زال يحزّ في نفسي، عند تنقل والدي مع الصغار كان يضطّر أحيانا إلى تقديم أموال من جيبـه لأمور طارئة أو لعدم كفاية المبلغ المرصود للتنقل، لكن أغلب المسيرين الذين كانوا على رأس الفريق كانوا يتماطلون أو يسهون عمدا عن تعويضه فيما بعد..و الأسوء من ذلك أنـه حدث له إحراج كبير مع أفراد من العائلة كان يستنجد بهم لنقل الشبّان أو إطعامهم، فمعظم الرؤساء كانوا يتثاقلون أو يتهرّبون من تسديد تلك المبالغ و بقيت عالقـة على ظهر والدي.
وليت الأمر توقف عند هذا الحدّ، فوالدي الذي تفرّغ 100 % لعمله مع النادي لم يسبق له أن أتى بأجرة من عملـه، و هذا رغم وعود المسيرين المتعاقبين..و هنا أستثني شخصا واحدا، رئيسا واحدا لن أبوح بإسمه لأنه صاحب خير، لم يسبق و أن أكل حقّ والدي سواء عندما كان رئيسا أو بعد ذلك..و أضيف لكم أنه كان يقدّم ذلك من ماله الخاص..بل وحتى اليوم..6 سنوات بعد وفاة المرحوم لم ينسه هذا الشخص و يتذكرّه دوما..كثّر الله خيره و بارك له في ماله.
س : كان يعرف على عمّي صالح روحه المرحة، حدثنا عن ذلك.
ج : نعم، والدي رحمـه الله كان مرحا بطبعـه، خاصة و نحن نقطن حيّ شعبي أين يكثر عادة الإحتكاك و المعاملـة بين السكّان، و فضلا عن أنصار السياسي كان يمازح كثيرا أنصار الفريق الجار لكن رغم ذلك كانوا يحبّونه و يحترمونه، حتى أن أحد الرؤساء السابقين لهذا الفريق عرض عليه الإنتقال للعمل معه بأجرة..فرّد عليه والدي بأنـه يفضّل العمل مجّانا في السياسي على العمل بأجرة في الفريق الجار.
س : عمّي صالح رحمه الله رافق نشأة عدّة لاعبين معروفين، هل تذكر لنا بعض الأسماء ؟
ج : إذا ذكرنا آخر جيل رافقـه والدي قبل أن توافيه المنيّة سنة 2009، يمكن ذكر جعفر خلاف، عمران، بولعويدات، زدّام، الحارس قرفي، كمّوش..أمّا من اللاعبين السابقين فكانت له علاقات حميمية مع العايب سليم، بوريدان، بعداش، بودماغ، ماتام، عرامـة..إلخ.
س : ماذا تركت السنوات الطويلة التي قضاها المرحوم في خدمة السياسي ؟
ج : تركت لنا سمعة حسنة و أثر طيّب لدن كلّ من عاشره، أينما ذهبت في قسنطينة أجد رجالا عاشروه و لا يزالون يحملون له ذِكرًا طيّبا، سواء بين الأنصار أو اللاعبين أو محيط النادي..كان هذا هو رأسمالـه.
س : هل لكم أن تسردوا لنا حادثـة كروية تتذكرونها على المرحوم ؟
"المعتّز بالله" الإبن الثاني للمرحوم : أتذكر يوم كنت في صنف الأشبال، كانت لدينا مقابلـة كأس في مدينة جيجل، و وصلنا إلى مرحلـة ضربات الجزاء، الركلة الأخيرة سدّدها صديقي اللاعب "ميدو"، كانت آخر ركلة و تسجيلها كان يعني تأهلّنا..بمجرد تسجيل الركلة الترجيحية دخل والدي رحمه الله إلى منتصف الملعب باكيا و هو يحتضن مسجّل الهدف..هذه الصورة لم و لن تفارق مخيلتي و لازلت أتذكرها إلى اليوم.
"حمزة" إبن المرحوم : هناك أيضا صورة والدي بعد تسجيل هدف زردية في مقابلـة الداربي..تصوروا شيخا قارب الستينات و هو ينقلب على أرضية الملعب فرحة بالهدف !
أصارحكم أنه حتى اليوم..عندما أذهب لمشاهدة مقابلة للنادي الرياضي القسنطيني تنتابني فترات تيه..أرى فيها والدي رحمـه الله و هو يجوب حوّاف الملعب كما دأب على فعله عشرات السنوات..
أتذكر أيضا سنة نيلنا للقب البطولـة، في تلك السنة لم أنل شهادة التعليم المتوسط فبقي يبحث عني 3 أو 4 أيام لتأنيبي..لكن بعد نيلنا اللقب نسي ذلك بتاتا..و عندما تذكرّ ، و من شدّة فرحته، لم يعنّفني بل قال لي لا عليك، يجب أن تجتهد أكثر السنة القادمة لتنال الشهادة..و هو ما حصل فعليا.
س : لنعد إلى الحياة المهنية للمرحوم، كيف صمد كل تلك السنوات رغم تعاقب المسيرين ؟
"حمزة" إبن المرحوم : حبّ الفريق و عطفه على الأصاغر جعلاه يعمل و يحافظ على واجبه الإختياري نحوهم في أحلك الظروف..و دون مقابل..
تتدخّل حرم المرحوم : أصدقكم القول أنـه لم يسبق له أن أتى بأجرة شهرية من النادي سوى مرّة واحدة، كانت تقدّر بـ 15000 دج..و كان ذلك قبيل شهر رمضان.
يتدخل "المعتّز بالله" الإبن الثاني للمرحوم : لا أكذب عليكم، كان ذلك يزعجني كثيرا، و كثيرا ما حدثت والدي عن ذلك، لكنـه كان يتحاشى الإجابـة لأنه ببساطة لم يكن يتصوّر حياته بعيدا عن النادي الرياضي القسنطيني.
يتدخل حمزة : كنت كلّما أرى والدي رحمه الله يحمل حقائب العتاد على ظهره يحزّ في نفسي ذلك، لكن إقتنعت بأنـه سعيد بقربه من النادي، إعتنائه بالفئات الشابـة، و عملـه دون إنتظار مقابل أو مزيّة من أحد..هذا ما سمح له ببقاءه أكثر من 20 سنة رغم تعاقب اللاعبين، المدربين، و المسيرين..المادّة لم تكن أبدا حافز والدي.
س : ما سرّ لبسه الدائم للباس الرياضي بألوان النادي ؟
حمزة : والدي رحمـه الله كان يعشق اللولين الأخضر و الأسود، في سنواتـه الأخيرة إستغنى على كل الألبسة المدنية حتى في المناسبات و الأفراح، حتى عند قيامـه بالعمرة في البقاع المقدّسة كان يرتدي قميص اللاعب صايبي بألوان النادي.
على ذكر العمرة، تستحضرنـي حادثة، حيث أنه عندما كان بالبقاع المقدسّة لم يتسّن له معرفـة نتيجة مقابلـة شباب قسنطينة ضّد وفاق سطيف، بعد عودتـه، و في المطار عندما ذهبت لإستقبالـه رفقة عمّي بادرني بالسؤال قبل أن أسلّم عليه، فأخبرته بأننا فزنا، فأنشرحت معالم وجهه..تصوروا !!!
س : كيف تصرّف المسيرون بعد وفاة والدك ؟
ج : كان ذلك فترة رئاسـة مراد مازار، رغم حضوره الجنازة إلا أنـه لم يدفع سنتيما واحد من أجور والدي العالقـة، بعد الوفاة بأيام، و لحرجهم من ذلك و حاجتهم لأغراض الشبّان، أرسلوا اللاعب أمير دربال لجلبها.
س : ماذا تقولون للرؤساء الذين لم يسددوا أجور والدك ؟
ج : كلمة واحدة "نوّكل عليهم ربّي"..والدي رحمه الله عمل بنيتـه، لم ينخرط أبدا مع الأجنحة المتصارعة، لم يسبق له الإضراب، و كان أحيانا يصرف من ماله الخاص..كل هذه الأمور كانت تحزّ في نفسي.
س : المرحوم كان عضوا بالجمعية العامّة للنادي، هل تذكره باقي الأعضاء بلفتـة أو مبادرة ؟
ج : لم يحصل أبدا، منذ وفاتـه أنتم أوّل من إلتفت إلى ذكراه.
س : كلمـة أخيرة ؟
ج : المرحوم عمل صادقا و مخلصا للنادي، قدّم الكثير بتفان سنوات طويلـة، نشكركم على هذه اللفتـة الطيبة، منذ وفاته هذه أول وقفة، و أنا مقتنع بأن أنصار النادي لن ينسوه..كما لن ينسوا يوسف بربوشة..عمّي صالح، يوسف، و غيرهم..سيبقون إن شاء الله رموزا لدى الأنصار.
بدورنا، لا يسعنا إلا أن نتوجـه بتشكراتنا القلبية لكل أفراد عائلة المرحوم نكّاع على حفاوة الإستقبال، و على تخصيصنا بشرف نقل نبذة عن حياة المرحوم لإيصالها إلى أنصار النادي.
ننوه بأن هذه الزيارة قد تمّت منذ فترة، لكـن مرور النادي بـهزّات و أزمات عديدة و لفترة طويلـة جعلنا نؤجل النشر لينال الموضوع حقه من الإهتمام و المتابعة.
{source}<div align="center">
<iframe width="640" height="480" align="center" src="/" frameborder="0" allowfullscreen></iframe>
{phocagallery view=category|categoryid=15|limitstart=0|limitcount=0}</div>
{/source}
CSConstantine.Net : موقع أنصار النادي الرياضي القسنطيني