خطابي علي في حوار مطوّل لموقـع أنصار النادي الرياضي القسنطيني
س : ما الذي جعلك تتراجع عن قرارك و تستمر على رأس الفريق ؟
السيد خطابي : بنهاية الموسم شرع محيط الفريق و محبيه في البحث عن رئيس جديد للأخذ بزمام النادي، لكن فشلهم في ذلك جعلهم يستقرون على الضغط عليّ للإستمرار، أصدقكم القول بأنهم ملؤوا إستمارة الترشح بدلي و وضعوني أمام الأمر الواقع أثناء الجمعية العامة !
في تلك العشية خرجت من أشغال الجمعية العامة مباشرة إلى بيتي أين مسكت رأسي بيداي قائلا "ما الذي فعلت ؟"، لم أكـن البتة محضرا لما كان ينتظرني، كل ماحدث خلال موسم الصعود و من كل ناحية جعلني متيقنا بأن الأمور ستكون أكثر تعقيدا.
مرّة أخرى، لما أحدثكـم عن نقص الإمكانيات آنذاك ينبغي معرفة إلى أي مدى كان ذلك عائقا و الفرق الشاسع مع ما نراه اليوم، و سأعطيكم دليلا واحدا لفهم وضعية الفريق آنذاك : تصوروا والي قسنطينة في تلك الحقبة السيد سكران نظم حفلا مصغرا في فندق المرحبا لجمع المساعدات للنادي من رجال أعمال و مقاولي و صناعيي المدينة.. بـ "السينية"، و تشجيعا لهم قام بوضع صك شخصي يمثل مرتبه الشخصي كمساهمة منه !! كيف يمكن لرئيس نادي أن يعمل في هذه الظروف ؟ و كيف له أن ينتدب لاعبين ؟ أو أن يبرمج تربصا ؟ المساعدات قليلة، و المكائد كثيرة، و بين هذا و ذاك يبقى رئيس الفريق يصارع أمواج البحر لوحده.
س : في ظل هذه الظروف، كيف سيرت موسم الفريق ؟
السيد خطابي : كانت بداية الموسم كارثية، فزنا ضد بوفاريك في عقر داره ثم تعاقبت علينا الهزائـم الواحدة تلو الأخرى، تلك الفترة "كرهت فيها حياتي" و جعلتني أتيقن بأنه يتوجب عليّ إحداث تغيير فوري على العارضة الفنية، مدرب الفريق السيد براتشي ـ و دون الدخول في التفاصيل ـ إرتكب عدّة أخطاء جعلت علاقته مع بعض اللاعبين تهتزّ و تنعكس على نتائج الفريق و تعجّل برحيله مباشرة بعد الهزيمة الثقيلة التي تكبدناها ضد فريق العناصر.
إتصلنا فيما بعد بالمدرب سليماني لخلافته على رأس العارضية الفنية و إتفقنا معه على هدف ضمان البقاء، شروطه كانت معقولة و لم يشترط إلا تربصا مصغرا داخل الوطن أجريناه بالجزائر العاصمة. كان ذلك التربص ناجحا إلى أبعد الحدود، بمعدل حصتين في اليوم جعل اللاعبين يحضرون بجدية كبيرة لدرجة أهم كانوا ينامون مباشرة بعد تناول وجبة العشاء !
و إنطلقت مرحلة العودة و بدء الفريق في جني ثمار التحضيرات الشاقة التي قام بها أثناء التربص، قدم مقابلات كبيرة على شاكلة مقابلة العناصر بقسنطينة، الفوز ضد وفاق سطيف بسطيف، و ضد مولودية العاصمة بالعاصمة، و الفوز على تلمسان بالرغم من أننا أكملنا المقابلة بتسعة عناصر فوق الميدان !
س : و إنقلبت الأمور من اللعب على البقاء إلى اللعب على التأهل لمنافسة إقليمية..حدثنا عن مقابلة البليدة.
السيد خطابي : كانت مرحلة عودة ممتازة قلبنا فيها الأمور لدرجة أننا أصبحنا نلعب للتأهل إلى منافسة الكأس العربية، للأسف التعادل الذي فرض علينا ضد الشلف في مقابلة كانت في متناولنا إلى أقصى حد و أضعناها ببلادة جعلنا أمام حتمية الفوز في البليدة.
و حتى في هذه الحالة كانت حظوظنا كبيرة جدا لأن فريق البليدة أنهى موسمه مبكرا و لم يكن بحاجة لنقاط المقابلة، لكـن كنا أمام أمر أكثر تأثيرا و هو دفع أجور اللاعبين العالقة لتحفيزهم، جرينا في كل الإتجاهات لجلب الأموال اللازمة و تسريح إعانات السلطات المحلية، لكـن هذه الأخيرة فعلت المستحيل لتعطيل الأمور..لا أعلم الغيب لكـنني اليوم أكاد أجزم بأن ذلك كان مقصودا.."مكرو فينا و ما حبوش يعطونا الصوارد".
إنتقل اللاعبون إلى البليدة على تلك الحالة النفسية، تصوروا لاعبين "تصبّرهم" مقابلة بعد مقابلة إلى نهاية الموسم، للأسف كل ما كان لدينا أعطيناه و لم نجد الإعانة من أحد، حققنا هدف الموسم لكـن كان بالإمكان إنهاءه بمشاركـة في المنافسة العربية كانت في متناولنا لو لم تعرقلنا السلطات المحلية.
س : بنهاية الموسم قدمت إستقالتك من على رأس النادي ؟
السيد خطابي : قمت بعقد جمعية عامة في الآجال القانونية و أعلنت عن إستقالتي رسميا، لكـن إستقالتي رفضت على مستوى الوزارة الوصية حيث طلبوا الإطلاع على التقريرين المالي و الأدبي، الأمر الذي لم يكـن يحدث من قبل ! قامت مصالح الشبيبة و الرياضة بمدينة قسنطينة بإرسال التقرير المالي إلى الوزارة لكن هذه الأخيرة رفضت المصادقة عليه لوجود فرق قيمته 30 دينارا !!! تصوروا أنه تحتم علي الإنتقال إلى الجزائر العاصمة و تدخل السيد قيدوم شخصيا لحلّ إشكال قيمته 30 دينارا !!!
س : السيد خطابي، كحوصلة لفترة تسييرك للنادي، ما الذي يمكنك قوله ؟
السيد خطابي : ترأس نادي رياضي و نادٍ بحجم النادي الرياضي القسنطيني ليس فقط قضية معرفة بكرة القدم بل قضية تسيير، عند أخذي لزمام أمور النادي كانت الديون متراكمة عليه، الأرصدة محجوزة و خزينة الفريق فارغة، بل حتى مفتاح الخزينة لم نجده، فندق المرحبا كان غارقا في الديون و أصبح يشكـل عبئا على النادي..الحمد لله، فضلا عن النتائج الرياضية و الشفافية في التسيير، تمكننا من إزاحة تقريبا 70 % من الديون العالقة و حولنا حصيلة نشاط فندق المرحبا من الخسائر إلى تحقيق الأرباح.
س : السيد خطابي، لو عملنا مقارنة بين فترة تسييرك و الفترات التي تعاقبت بعد ذلك..
السيد خطابي : تسيير هذا النادي مسؤولية كبيرة، و هي قضية إمكانيات قبل كل شيء، في الماضي كانت المصادر شحيحة جدا، رئيس الفريق يضع من ماله الخاص لكن لكل شيء حدود، لذلك من النادر أن تجد رئيسا عمّر لوقت طويل، مع أن العمل القاعدي الذي يأتي ثماره يستوجب البقاء لمدة كافية تسمح بتطبيق البرنامج..لأضعكـم في الصورة أذكركم بما قلته منذ قليل بشأن الوالي سكران، رغم صدق النية و المجهود المبذول إلا أن الفرق مع ما هو متوفر في السنوات الأخيرة هو كالفرق ما بين السماء و الأرض، اليوم الولاة يمكنهم ضخ الأموال من عدة مصادر دون المرور بتعقيدات الماضي..إلى جانب ذلك، اليوم يوجد في السوق عدة شركات تجارية في ميدان السبونسورينغ تضخ الملايير..لا مجال البتة للمقارنة بين إمكانيات الماضي و إمكانيات اليوم.
هناك أيضا محيط الفريق، الأشخاص الذين يتربصون بالنادي و كذا ضغط الأنصار و عدم تفهمهم، عند أي تعثر تسمع ما لا يرضيك من شتائم و سبّ..تصوروا حالة إبني و هو يستمع للشتائم بعد مجرد تعادل..هذه الأمور كانت من بين الأسباب التي تعجل برحيل كل مسير مرّ على رأس النادي..و أظن أن الأمور لم تتغير كثيرا في هذا الجانب..لذا أجدني متضامنا مع ما قاسته إدارة السيد بولحبيب من حيث ضغط الجمهور.
س : أسئلة قصيرة للسيد خطابي، الفريق الذي شاهدته و الذي تعتبره أحسن فريق مثّل السياسي ؟
السيد خطابي : فريق نهاية الستينات و بداية السبعينات بالنسبة لي كان أصلب فريق، لا أتكلم عن الجانب الفني بل عن حب الفريق و الإستماتة في الدفاع عن ألوانه، أتذكـر مرّة في باتنة ضد الفريق المحلي لما كنت لاعب أواسط، كان الأكابر متفوقون في النتيجة إلي غاية اللحظات الأخيرة أين إرتكب حنشي خطأً جسيما عدّل بسبه فريق باتنة النتيجة، كان غضب تواتي لدرجة أنه تعقب حنشي جريا إلى أن قام زملاؤه بحبسه في غرفة الملابس..و مع ذلك بقى ينتظر أمام الباب و الغضب يستشيط من عينيه برهة من الزمن.
س : أحسن لاعب ؟
السيد خطابي : بلوصيف دون نقاش، لاعب كامل و متكامل، مدافع بارع و مختص في تنفيذ ضربات الجزاء، هناك عدّة لاعبين آخرين كحنشي، بوهروم..لكـن بالنسبة لي يبقى بلوصيف من أحسن اللاعبين الذين أنجبهم الفريق.
س : أكبـر فرحة عشتها مع النادي ؟
السيد خطابي : يوم فوزنا ضد الموك في مباراة الصعود، الضغط الرهيب الذي عشته ولّد فرحة خيالية فيما بعد، إلى جانب قلة ذات اليد مقارنة بالجيران كان هنال أيضا كل الصعوبات و العراقيل التي رافقت ذلك، تذكروا أننا أعدنا مقابلة سكيكدة..لو إنهزمنا أو تعادلنا لما صعدنا.
صراحة، هناك أيضا مقابلة الديربي في حقبة مازار، كنت ليلتها في الملعب و كانت أجواء خيالية بحق و فرحة لا توصف.
س : كيف ترى مستقبل النادي ؟
السيد خطابي : أود أن أتكلـم بصفة عامة و دون تخصيص، يجب أن لا يبقى مصير النادي معلق في كل مرّة بيد شخص واحد يتولى مقاليده، النادي يمثل المدينة و جزءا من تاريخها و تاريخ الوطن، على الشباب أن ينخرط أكثـر في أمور النادي، و أن يتقرب كلّ من بإمكانه المساهمة في الدفاع عنه، حب النادي وحده لا يكفي، و لم يمنع عنه الهزّات و الأزمات، النادي الرياضي القسنطيني قضية الجميع، و على كل واحد من أنصاره أن يساهم و أن ينخرط بصفة فعالة في أموره.
س : السيد خطابي، ما رأيك في شركة الطاسيلي للطيران، المالكة الجديدة للشركة الرياضية ؟
السيد خطابي : الحمد لله على قدوم هذه الشركة، أنا أعتبرها سندا كبيرا للنادي في وجه الضائقة المالية التي عُرف بها، تبقى قضية التسيير و الإشراف المباشر فالأمر هيّن، الكفاءات موجودة طالما أن الأريحية المالية مضمونة.
أتفهم قلق البعض و ريبتهم إتجاه سياسة الشركـة (الحوار أجري خلال حقبة تسيير بولحبيب)، لكنني أدعوهم للتريث و تفادي الأحكام المسبقة، قد تكون لديهم دواعِِ للتريث، فقد عينوا السيد مكرود و تعرّض لضغوطات كبيرة عجلت برحيله، أظنهم ينتظرون إتضاح الرؤية لتطبيق سياستهم و الإنطلاق في الرعاية المالية الحقيقية للنادي، و مهما تكن الأمور فوجود هذه الشركـة حتى و لو قلّ دعمها أحسن من عدم وجودها و البقاء رهينة في يد فلان أو فلتان.
س : كلمـة أخيرة للأنصار ؟
السيد خطابي : أدعوهم أن يبقوا دائما وراء الفريق، الأمور تغيرت اليوم و طموحات السياسي كبرت، اليوم لم يعد الحديث عن الصعود أو تفادي السقوط، بل لعب الأدوار الأولى، يجب أن نحافظ على ما تم تحقيقه و أن نثمنه للمضي قدما نحو تحقيق الإنجازات و حصد الألقاب إن شاء الله.
س : كلمـة عن الموقع ؟
السيد خطابي : أنا أتابعه بإنتظام، و صراحة أنا مندهش لنشاطه الدائم وتفاعله اليومي مع أخبار النادي بعيدا عن كل مزايدة أو حس تجاري و كذا مبادراته الهادفة، هذا معناه أنه هناك رجال يقفون خلفه منذ سنوات حبا في النادي، أنا أحييهم و أشجعهم و أقول لهم : بارك الله فيكم، واصلوا.
س : كلمـة أخيرة السيد خطابي ؟
السيد خطابي : أشركـم جزيل الشكر عن هذه الزيارة و أجدد تحياتي لكم على مجهوداتكـم، النادي قوي بأمرين إثنين : بتاريخه و برجاله، و أنتم من رجاله، بارك الله فيكم و ووفقكم في عملكـم، و تحياتي لكل أنصار النادي.
حاوره : ح. عبد الكريـم • ب. مصطفى • س. بدر الدين • ز. عبد الرحمان
{gallery}images/galeries/2014-2015/khettabi/album/{/gallery}
موقع انصار النادي الرياضي القسنطيني
CSConstantine.Net
- << السابق
- التالي