دفع الذي فجّره كل من المدربين الجزائري "عبد الكريم بيرة" والفرانكو-إيطالي "دييغو غارزيتو" عن وجود "خونة" في نادييهما اتحاد بلعباس وشباب قسنطينة، إلى تعرية بعضا من أوراق الشجر التي تخفي سوءات الكرة في ديارنا.
من وجهة تاريخية، لا يمكن نكران حقيقة "الخيانات" التي تنامت ككيان في جلدنا المنفوخ وأحالته رمادا سيما في ربع قرن الأخير.
وتحتفظ الذاكرة بـ"حكايات" كثيرة حفلت بمحاذير "الخيانة"، أولاها تلك التي كانت مسرحا لها مدينة "مونتيري" بالمكسيك، أين تداولت الألسنة أنّ لقاء الجزائر – إسبانيا (0 – 3) في 12 جوان 1986 برسم كأس العالم الــ13، شهد اتهام عناصر مغتربة بــ(رفع الأرجل) ضدّ مصارعي الثيران، وسط صراع شرس آنذاك بين المحليين ونظرائهم الناشطين في النوادي الأوروبية.
ذاك الفصل الغامض والذي لا تزال أسراره مبهمة، أفرز صراعا وتجاذبات لم تهدأ حلقاتها آنذاك بين الأخضر بلومي، حليم بن مبروك، وفتحي شبّال، وكالعادة، فضّل "يسعد دومار" رئيس الفاف في تلك الحقبة، كما المدرب الوطني "رابح سعدان" ومساعديه "مصطفى دحلب"، مقدادي وبن درامة، عدم الخوض مطلقا فيما يُعرف في التاريخ الكروي الجزائري الحديث بـ"الفضيحة".
سنوات من بعد، انفجرت عبوة ثقيلة، حينما توصّل مسيرو شباب بلوزداد في موسم 1990 – 1991 إلى مهزلة الخيانة" التي كان بطلها مدافعهم الأوسط (ل/ك) هذا الأخير اتهمّ بــ"رفع الأرجل" في مقابلة مصيرية لأبناء لعقيبة.
ليس بعيدا، ففي العاشر جانفي 1993، كان الجزائريون على موعد مع (خيانة) خاصة، إذ شاعت بين الناس قضية "خروف" ويتعلق الأمر بالمدافع السابق لشبيبة القبائل "مراد كاروف" الذي جرى إشراكه وهو معاقب في لقاء السينغال – الجزائر (1 – 2) بداكار، بيد أنّ "المثير" للاهتمام في المسألة، أنّ لا الكاف ولا الاتحاد السينغالي اكتشفا تلك الحيثية، إنما أحد (الخونة) من بني جلدتنا هو من قام وقتذاك بإبلاغ الكاف والسينغاليين بعدم شرعية مشاركة كاروف في ذاك اللقاء، فجرى خصم 3 نقاط من رصيد الخضر الذين أقصيوا من كأس إفريقيا للأمم بتونس 1994، رغم قصفهم السينغاليين برباعية نظيفة في مواجهة الإياب بتلمسان.
مسلسل التقاذف بتهم (الخيانة) تفاقم في تسعينيات القرن الماضي، وكان من أهم علاماته وصول أكثر من قضية إلى رفوف المجالس القضائية، حيث اتهم رئيس نادي ينشط في وسط البلاد حارسه آنذاك بترتيب نتيجة لقاء هام، ولم يتردد الناخب الوطني السابق "عبد الرحمان مهداوي" إثر لقاء الجزائر – البنين (2 – 0) في 27 جويلية 1997 عن إهداء تأهل الأفناك إلى كأس إفريقيا للأمم 1998 ببوركينا فاسو إلى الأمين العام للفاف آنذاك، حيث صرّح مهداوي على المباشر أنّ غريمه فعل كل شيء حتى لا تتأهل الجزائر إلى موعد (واغادوغو)!!!!!
وكان اتحاد العاصمة في موسم 1999 – 2000 أيام المدرب "رابح سعدان" ضحية للثقة التي وضعها في حارسه الدولي البوركيني "إيساكا كوليبالي" الذي زوّر وثائقه الشخصية وشارك في لقاء دور الستة عشر برسم كأس كؤوس إفريقيا، ما كلّف أبناء سوسطارة إقصاءهم على البساط.
ولم يكن العقد الأخير ليخلو من محذور "التخوين" على شاكلة ما حدث، لنور الدين سعدي مع شبيبة القبائل و"محمد حنكوش" مع شباب قسنطينة، وهلّم جرًّا، وطبعا كثير من الذي حدث، مثلما الذي يحصل حاليا بين بيرة ومسيري فريق مكرة، كما بين غارزيتو والمدير الرياضي للسنافر "محمد بولحبيب"، يجري من دون أن تكلّف الوصاية وحتى جهاز القضاء نفسه عناء التدخل لاستيضاح ما يضع، رغم خطورة الاتهامات التي تستمر في تشويه الواقع الضحل للكرة الجزائرية طبعة 2013.